تشهد بريطانيا في الفترة الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في معدلات الجريمة، إذ أصبحت هذه الظاهرة موضوعًا ملحًا يشغل الرأي العام.
ومع تزايد حوادث السرقة، والاعتداءات، والعنف، باتت الشوارع البريطانية أكثر خطورة من ذي قبل، مما أدى إلى شعور عام بعدم الأمان بين المواطنين.
وأفادت وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا) أن البيانات المستخلصة من المسح المتعلق بالجريمة في إنجلترا وويلز أظهرت أن 78 ألف شخص تعرضوا لسرقة هواتفهم المحمولة أو حقائبهم في الشوارع البريطانية خلال العام الممتد حتى مارس 2024.
هذه الأرقام تعكس ارتفاعًا مذهلاً بنسبة 153% مقارنة بحوادث السرقة المسجلة في نفس الفترة من العام السابق حتى مارس 2023، حيث بلغ عدد الحوادث المسجلة 31 ألف حادث.
ووفقًا لتحليل وزارة الداخلية البريطانية للبيانات، فإن عدد حوادث السرقة قد بلغ أكثر من 200 حادث يوميًا في أنحاء إنجلترا وويلز خلال الـ12 شهرًا الماضية.
ورغم هذا العدد الهائل من الحوادث، إلا أن 0.8% فقط منها أسفرت عن توجيه اتهامات لشخص ما، في حين تم إغلاق 81.9% من تحقيقات الشرطة دون العثور على مشتبه به.
تُرجع استخبارات الشرطة البريطانية هذه الزيادة الكبيرة في حوادث السرقة إلى الطلب المتزايد على الهواتف المستعملة، سواء داخل المملكة المتحدة أو خارجها، حيث تشكل هذه الهواتف عنصرًا جذابًا للسارقين نظرًا لقيمتها وسهولة تصريفها في الأسواق السوداء.
تعكس الإحصاءات المتعلقة بجرائم سرقة الهواتف في بريطانيا جزءًا من صورة أوسع تتعلق بارتفاع معدلات الجريمة في البلاد بشكل عام.
وإلى جانب سرقات الهواتف، شهدت بريطانيا زيادة ملحوظة في جرائم السطو، واعتداءات الأسلحة البيضاء، والعنف المسلح، مما أثار قلقًا واسعًا بين المواطنين ودفع الحكومة إلى تكثيف جهودها لمكافحة هذه الظواهر.
زياده معدل الجريمة
خلال العام 2023 وحده، سجلت بريطانيا أكثر من 5.5 مليون جريمة، بما في ذلك الجرائم العنيفة والسرقات. وعلى الرغم من أن هذه الأرقام قد تكون متقاربة مع الأعوام السابقة، إلا أن تصاعد حدة العنف في بعض الجرائم، خاصة تلك المتعلقة باستخدام الأسلحة البيضاء، قد أثار قلق السلطات.
إلى جانب ذلك، تزايدت حوادث الجرائم الإلكترونية بشكل ملحوظ. فقد أصبحت الجرائم المرتبطة بالإنترنت، مثل الاحتيال الرقمي وسرقة الهوية والابتزاز الإلكتروني، من أكثر التهديدات الأمنية الحديثة التي تواجهها بريطانيا. واستهدفت هذه الجرائم الأفراد والشركات على حد سواء، مما أسفر عن خسائر مالية كبيرة وأضرار نفسية جسيمة للضحايا.
الجرائم ضد النساء
شهدت المملكة المتحدة زيادة ملحوظة في الجرائم العنيفة ضد النساء في القطارات، حيث ارتفعت هذه الجرائم إلى أكثر من الضعف منذ عام 2021.
وفقًا للتقرير السنوي لعام 2024 الصادر عن هيئة شرطة النقل البريطانية، زاد عدد الجرائم ضد النساء والفتيات من 7561 حالة في عام 2021 إلى 11357 حالة في عام 2023.
تأتي هذه الأرقام في وقت حذرت فيه ناشطات من عدم بذل جهود كافية لحماية النساء. فقد تزايدت حوادث الطعن بشكل كبير في مناطق مثل ويست ميدلاندز وإيسيكس، حيث سجلت زيادات بنسبة تصل إلى 43% و400% على التوالي. وتشير الإحصاءات أيضًا إلى أن معظم هذه الجرائم تحدث داخل المنازل، مما يعكس الصلة الوثيقة بين هذه الجرائم والعنف الأسري.
تظهر البيانات التي نشرتها صحيفة التايمز لأول مرة أن الجرائم الجنسية ارتفعت بنسبة 10% خلال نفس الفترة، بينما تضاعف عدد بلاغات التحرش الجنسي.
وأشارت دراسة منفصلة لشرطة النقل البريطانية إلى أن أكثر من ثلث النساء اللواتي يسافرن بالقطارات يتعرضن للاعتداء أثناء تنقلهن.
تشير البيانات إلى أن معظم هذه الجرائم تحدث خلال ساعات الذروة المسائية، عندما تكون القطارات مكتظة بالركاب، مما يعكس تحديات إضافية في ضمان أمان النساء أثناء تنقلهن في وسائل النقل العامة.
الجرائم بين الشباب
أحد الجوانب المقلقة في ارتفاع معدلات الجريمة في بريطانيا هو تزايد مشاركة الشباب في الأنشطة الإجرامية.
أظهرت الإحصاءات أن نسبة كبيرة من مرتكبي الجرائم تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عامًا، مما يعكس أزمة اجتماعية خطيرة تتعلق باندماج الشباب في المجتمع.
ويبرز هذا بشكل خاص في جرائم العنف المرتبطة بالعصابات، حيث ينضم الشباب إلى هذه الجماعات بحثًا عن الانتماء والدعم في ظل غياب الفرص الاقتصادية والاجتماعية.
كما أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتنسيق الجرائم وانتشار مقاطع الفيديو التي تمجد العنف بين الشباب أسهم في تطبيع هذه السلوكيات وتعزيزها بين الفئات العمرية الصغيرة.
وعلى الرغم من أن الجرائم تتركز غالبًا في المناطق الحضرية الكبرى مثل لندن ومانشستر وبرمنغهام، إلا أن المناطق الريفية لم تكن بمنأى عن هذه الظاهرة.
شهدت بعض القرى والمدن الصغيرة ارتفاعًا في معدلات الجريمة، حيث تبرز جرائم السرقة من المزارع والمنازل الريفية كأحد أكثر الأنشطة الإجرامية شيوعًا. كما أن انتشار تعاطي المخدرات في بعض المجتمعات الريفية أدى إلى زيادة في الجرائم المرتبطة بالعنف والصراعات بين العصابات.
aXA6IDEzNS4xODEuMTEuMTYyIA==
جزيرة ام اند امز
مصدر الخبر الأصلي: صحيفة العين الاخبارية