تمر اليوم ذكرى رحيل الشيخ محمد محمد الفحام، شيخ الأزهر الشريف، الذي ترك بصمة خالدة في تاريخ هذا المعقل العلمي العريق.
حياة الشيخ الفحام الذي توفي في 31 أغسطس/آب 1980، كانت سلسلة من المحطات البارزة التي تتجلى فيها معاني العلم والإخلاص.
اختيار الأزهر الشريف
في لحظة مفصلية من حياته، كان الشيخ محمد الفحام مائلًا إلى الالتحاق بكلية دار العلوم، إلا أن وصية والدته ألزمته باتجاه آخر. طلبت منه والدته أن يلتحق بالأزهر الشريف، وهو ما استجاب له بفضل تشجيع والده الذي وضع ثقته في قراراته. بفضل هذه الوصية، التحق الفحام بالأزهر، حيث أتم دراسته بتفوق، وحصل على شهادة العَالِمية في عام 1922، مجسدًا بذلك إيمانه بأهمية الأزهر ووفاءً لوصية والدته.
مسيرته الأكاديمية
عاد الشيخ الفحام إلى الأزهر بعد تخرجه، حيث بدأ رحلته التعليمية في كلية الشريعة، ودرس المنطق وعلم المعاني عام 1935. في العام التالي، سافر إلى فرنسا في بعثة تعليمية، واستمر في دراسته برفقة عائلته رغم اندلاع الحرب العالمية الثانية. عاد إلى مصر في عام 1946، وعمل كمدرس في كلية الشريعة ثم انتقل إلى كلية اللغة العربية، حيث درّس الأدب المقارن والنحو والصرف. بفضل اجتهاده، ارتقى إلى درجة أستاذ ثم عميد الكلية، وقدم العديد من الأبحاث المهمة، منها رسالته الشهيرة “المنطق”.
من هو الشيخ محمد الفحام؟
وُلد الشيخ محمد الفحام في الإسكندرية في 18 سبتمبر/أيلول 1894. حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، ثم انتقل إلى معهد الإسكندرية الأزهري، حيث نال الشهادتين الابتدائية والثانوية، قبل أن يستكمل دراسته في الأزهر ويحقق شهادة العالمية في عام 1922. حصل أيضًا على الليسانس من جامعة السوربون والدكتوراه في الآداب من جامعة باريس في عام 1946، مما أعطى بعدًا دوليًا لمؤلفاته وأبحاثه.
دوره كشيخ للأزهر
تولى الشيخ محمد الفحام مشيخة الأزهر في 16 سبتمبر/أيلول 1969، في وقت عصيب مليء بالتحديات. قاد الأزهر بحكمة ورؤية نافذة، وقدم آراءً متبصرة خلال الأزمات الوطنية. استمر في منصبه حتى مارس/آذار 1973، عندما طلب إعفاءه بسبب تدهور حالته الصحية. خلفه الشيخ عبد الحليم محمود، بينما قضى الفحام السنوات الأخيرة من حياته في منزله بالإسكندرية، مكرسًا وقته للقراءة والتأمل والعبادة.
رحلاته حول العالم
تجاوزت مساهمات الشيخ الفحام حدود مصر، حيث ارتبط بالعالم العربي والإسلامي بفكرٍ وعملٍ مميزين. مثل الأزهر في مؤتمر ثقافي بلبنان عام 1947، وسافر إلى نيجيريا لدراسة أوضاع المسلمين هناك وتقديم حلول لمشاكلهم. رغم الصعوبات، أثمرت رحلته في نيجيريا عن إنشاء مدارس جديدة وتعيين معلمين عرب. زار باكستان ثلاث مرات، وشارك في تطوير المدارس والمعاهد هناك، ثم انتقل إلى موريتانيا، حيث أسهم في إنشاء مكتبة إسلامية كبرى وألقى محاضرات علمية، ومنحته موريتانيا وثيقة مواطن شرفي. كما زار إندونيسيا وإسبانيا والسودان والجزائر وإيران وليبيا، معززًا التعاون الإسلامي ومشاركًا في تعزيز الروابط الثقافية.
بفضل عطائه وتفانيه، يظل الشيخ محمد الفحام رمزًا من رموز العلم والإخلاص في تاريخ الأزهر، وتجسيدًا للفكر الإسلامي الذي يمتد عبر الأزمان والأماكن.
aXA6IDEzNS4xODEuMTEuMTYyIA== جزيرة ام اند امز
مصدر الخبر الأصلي: صحيفة العين الاخبارية