يدرك أي متابع للأسواق المالية العالمية حجم الاهتمام الذي يحظى به الذكاء الاصطناعي حول العالم، وخصوصاً لما له من تأثير على الكثير من القطاعات الأخرى. هذا الاهتمام ليس مقتصراً على الأسواق المالية، إذ شكلت هذه التكنولوجيا قضية أساسية في مناقشات اليوم الأول من فعاليات النسخة الثامنة لـ”مبادرة مستقبل الاستثمار” في السعودية.
رأى محافظ صندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان أن السعودية تتمتع بمكانة جيدة للغاية لتصبح مركزاً عالمياً، وليس فقط إقليمياً، في مجال الذكاء الاصطناعي لأسباب عدة، من بينها الاستغلال الفعال والتكلفة المنخفضة للطاقة، بجانب الأراضي الشاسعة، وامتلاكها معظم التقنيات في مجال الطاقة المتجددة فضلا عن الوقود الأحفوري، مشيراً إلى أن المملكة تحاول جذب 10% من الطلب العالمي على مراكز البيانات اللازمة لتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وأضاف الرميان أنه بحلول عام 2027، سيصبح دور الذكاء الاصطناعي كمحرك اقتصادي معياراً للقوة الوطنية. يمثل الذكاء العام الاصطناعي الأمر المستحدث التالي، إذ يعد بآلات قادرة على حل المشكلات ودفع الإنتاجية مما ستؤثر على جميع القطاعات من الرعاية الصحية وصولاً إلى الطاقة.
الرميان أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي قادر على إضافة ما يقرب من 20 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، بينما يلعب دوراً في تحول الصناعات وتعزيز الإنتاجية ومعالجة التحديات الحرجة.
أما وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، فأشار خلال كلمته إلى أن السعودية تستهدف “تأسيس بيئة أعمال متكاملة لاحتضان شركات الذكاء الاصطناعي والخوارزميات ومراكز البيانات، وتوفر كل ما تحتاجه لتنمية أعمالها”.
كانت صحيفة “نيويورك تايمز”، أفادت في تقرير مؤخراً، بأن السعودية تدرس تأسيس صندوق للاستثمار بالذكاء الاصطناعي بقيمة تصل إلى 40 مليار دولار. وكانت حكومة المملكة أعلنت عزمها استثمار 20 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي بحلول 2030.
كذلك، خصص صندوق “واعد فنتشرز” للاستثمار في رأس المال الجريء، المملوك بالكامل لشركة أرامكو السعودية، قبل أيام، 100 مليون دولار للاستثمار في الشركات العالمية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي.
ماسك متفائل
من جهته يرى الملياردير إيلون ماسك خلال حوار عبر البث المباشر عن بُعد، أن الذكاء الاصطناعي يتحسن 10 مرات سنوياً، وهو ما يعني أنه في غضون أربع سنوات من الآن، سيكون أفضل بـ10000 مرة”.
ماسك الذي أسس شركة “XAI” للذكاء الاصطناعي، ويحاول جمع تمويل لها بتقييم 40 مليار دولار، أبدى نظرة متفائلة حيال سرعة تطور الذكاء الاصطناعي، متوقعاً أن يكون قادراً على القيام بما يمكن للبشر القيام به بشكل مجتمع “ربما بعد حوالي 3 سنوات فقط من هذه النقطة”. ولكنه في الوقت نفسه، يرى أن الذكاء الاصطناعي يمثل “تهديداً وجودياً كبيراً”، وهو أمر يجب “أن نوليه اهتماماً وثيقاً”، معتبراً أن احتمال أن تسوء الأمور بسبب هذه التكنولوجيا قد تصل إلى 20%.
ماسك توقع أن يتخطى عدد الروبوتات البشر خلال 2040، وقال إنه بحلول هذا التاريخ سيبلغ عدد الروبوتات الشبيهة بالإنسان حوالي 10 مليارات وحدة. وتابع: “كل بلد سيكون لديه ذكاء صناعي أو عدة أنواع من الذكاء الاصطناعي، وسيكون هناك العديد من الروبوتات، أكثر من البشر.”
المشهد العالمي على طاولة النقاش
تناولت المناقشات آفاق هذا القطاع عالمياً والشركات العاملة فيه، خصوصاً وسط تساؤلات بشأن حجم الاستثمار الضخم الذي تقوم الشركات الكبرى بتخصيصه لتطوير هذه التقنية، وعدم وضوح الرؤية بشأن حجم الإيرادات المتوقعة منه.
توقع ماسايوشي سون رئيس مجموعة “سوفت بنك” التي تعتبر أكبر مستثمري التكنولوجيا في العالم، أن تحقق الشركات التي تستثمر بالذكاء الاصطناعي الفائق أرباحاً بنسبة 50% من استثماراتها في القطاع الجديد، مؤكداً سعي شركته للحصول على نصيب من تلك الأرباح مستقبلاً.
يحتاج الذكاء الاصطناعي الفائق، الذي سيفوق ذكاء العقل البشري بواقع 10 آلاف مرة، إلى إنفاق رأسمالي مجمع بقيمة 9 تريليونات دولار، فيما يتوقع أن يساهم بما يعادل 5% في الناتج الإجمالي العالمي، أو 9 تريليونات دولار سنوياً خلال السنوات العشر المقبلة.
سون توقع أن يتحقق الذكاء الاصطناعي الفائق بحلول 2035، وأن يحتاج إلى 200 مليون رقاقة ومئات الجيغاوط من الطاقة.
ومن ناحية أخرى، أكد سون أن شركة “آرم هولدينغز” المملوكة بحصة أغلبية لمجموعته، ستضطلع بدور محوري في تصنيع رقائق الذكاء الاصطناعي.
كما دحض ماسايوشي سون من “سوفت بنك” فكرة “فقاعة الذكاء الاصطناعي”، مشيراً إلى أن شركة “إنفيديا” لا تزال أقل من قيمتها الفعلية، معتبراً أن “المستقبل أكبر بكثير”.
سنواصل تغطيتنا لفعاليات “مبادرة مستقبل الاستثمار” غداً. يمكنكم متابعة ذلك عبر موقعنا الإلكتروني asharqbusiness.com
المصدر: صحيفة اقتصاد الشرق