رغم مرور أيام على احتجاجات بنغلاديش التي قادت رئيسة الوزراء الشيخة حسينة إلى الاستقالة، إلا أن اللحظات التي قادت إلى هذا التغيير، لا زالت تفاصيلها تتكشف يوما تلو الآخر.
وبالعودة إلى 3 أغسطس/آب الماضي، حيث ذروة التوتر في بنغلاديش، وقرار الشيخة حسينة نشر الجيش، في حدث أثار سخطًا لمدى المؤسسة العسكرية، والتي عقد قائدها الجنرال واكر الزمان اجتماعا داخليا، دعا خلاله صغار الضباط ما بين رتبة رائد إلى عقيد للتعبير عن آرائهم التي جاءت كلها معارضة لاستخدام القوة، وفقا لما قاله رائد مشاة شارك في الاجتماع لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية.
وانتهى الاجتماع بإعلان واكر أن الجيش سيقف إلى جانب شعب بنغلاديش، وفقا لبيان صادر عن القوات المسلحة وبعد يومين، ظهر قائد الجبش ليعلن استقالة الشيخة حسينة ومغادرتها للبلاد.
سر الانحياز
وقال اللواء نعيم أشفق شودري، الضابط المتقاعد الذي شغل مناصب عليا في الجيش، إن جيلا أصغر سنا من الضباط الذين تعقبوا المحتجين والغضب على وسائل التواصل الاجتماعي لعبوا دورا حاسما في إقناع الصفوف العليا من الجيش بسحب الدعم لحكومة حسينة.
ونظرا لزواجه من ابنة عم الشيخة حسينة، فقد كان يُنظر إلى واكر في البداية على أنه من المقربين لرئيسة الوزراء السابقة.
وأضاف تشودري: “مع استمرار الأزمة، كان هناك بحث عن الذات داخل جيش بنغلاديش، لقد رأى قائد الجيش الوحدة غير المسبوقة بين الناس، وفهم عدم شعبية حسينة بين الضباط من ذوي الرتب المتوسطة وكان على دراية بالإدانة الدولية لاستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين العزل”.
ومنذ ذلك الوقت، نسق الجيش بشكل وثيق مع قادة الاحتجاجات الطلابية وأعلن دعمه لمحمد يونس الحائز على جائزة نوبل للسلام الذي اختاره المتظاهرون لقيادة الحكومة المؤقتة.
وقال خبراء سياسيون إن تعاطف الضباط الأصغر سنا مع المحتجين فضلا عن الضغوط الدولية يعني أن الجيش سيفضل المناورة من خلف الكواليس بدلاً من السعي إلى الحكم بشكل مباشر.
قطار الاحتجاجات
كانت الاحتجاجات قد اندلعت في بنغلاديش في يوليو/تموز الماضي بسبب حكم قضائي أعاد العمل بنظام الحصص غير الشعبي للوظائف الحكومية في البلد الذي يعاني من معدل بطالة مرتفع بين الشباب.
وبعد قمع الحكومة للمتظاهرين، تحولت الاحتجاجات إلى انتفاضة أوسع نطاقا ضد حسينة التي حكمت البلاد منذ 2009 وبعد تصاعد حدة المظاهرات في منتصف يوليو/تموز قتل أكثر من 500 شخص.
وأوضح تشودري أن واكر كان يعارض “إراقة الدماء لدعم النظام.. وبحلول 4 أغسطس/آب، كان يحاول سرا إقناع حسينة بالتنحي، مشيرا إلى التهديدات لسلامتها”.
وأضاف تشودري أن واكر كان في موقف صعب، لأن بعض كبار المسؤولين في الجيش كانوا مقربين من حسينة لكنه قام بتهميش بعض المسؤولين من المناصب العليا وطرد ضابطاً يُنظر إليه على أنه قريب بشكل خاص من رئيسة الوزراء السابقة.
موقف الجيش
ومن غير الواضح إلى متى سيستمر موقف الجيش الحالي المتمثل في عدم التدخل حيث تواجه حكومة يونس تحديات كبيرة ولا يزال القانون والنظام هشاً، مع وجود الشرطة والعديد من الوكالات الحكومية في حالة من الفوضى.
وفي 25 أغسطس/آب الجاري، تدخل الجيش للحفاظ على الأمن حول مجمع الأمانة العامة التي تضم الوزارات الحكومية وذلك بعد اشتباك الطلاب مع أفراد قوة أمنية مساعدة يطالبون بزيادة الرواتب والأمن الوظيفي.
وقال المحلل السياسي زاهد الرحمن، إن الجيش اتخذ الآن مقعداً خلفياً ويسمح للحكومة المؤقتة المدعومة من الطلاب بإدارة الأمور، لكنه قد يجد قريباً أنه بحاجة إلى المشاركة بشكل أوثق في تفاصيل الحكم.
aXA6IDEzNS4xODEuMTEuMTYyIA== جزيرة ام اند امز
مصدر الخبر الأصلي: صحيفة العين الاخبارية