زيارة السيسي لتركيا.. هل يطوي التقارب صفحة انقسام ليبيا؟

زيارة السيسي لتركيا.. هل يطوي التقارب صفحة انقسام ليبيا؟


بعث التقارب المصري التركي آمالا لدى الكثير مِن الليبيين بشأن ظهور “حل قريب” لأزمة بلدهم، المتواصلة منذ 13 عاما، خاصةً إنهاء الانقسام بين شرق البلاد وغربها، والاتفاق على حكومة واحدة، وتحويل الملف الليبي من دولي إلى إقليمي.

وعزّز ذلك أن أزمة ليبيا كانت مِن أولويات جدول الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال زيارته لتركيا، الأربعاء، ومباحثاته مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بشأن طي صفحة هذه الأزمة.

وخلال مؤتمر صحفي للرئيسين بأنقرة، قال السيسي: “تبادلنا وجهات النظر حول الأزمة الليبية، واتفقنا على التشاور بين مؤسساتنا لتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في ليبيا، مع تأكيد أهميّة طي صفحة تلك الأزمة الممتدة من خلال عقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وخروج القوات الأجنبية غير المشروعة والمرتزقة مِن البلاد، وإنهاء ظاهرة المليشيات المسلحة؛ حتى يتسنّى لليبيا الشقيقة إنهاء مظاهر الانقسام وتحقيق الأمن والاستقرار”.

«فائدة للجميع»

بتعبير الدكتور يوسف الفارسي، أستاذ العلوم السياسية المساعد، رئيس حزب ليبيا الكرامة، فإن التقارب المصري التركي “مهم جدا جدا” لحل الأزمة في ليبيا.

ويوضِّح لـ”العين الإخبارية” أن هذا التقارب “سيعمل على تحجيم دور المليشيات في غرب ليبيا؛ ما يُعطي الفرصة لعملية الاستقرار”.

كما يرى الفارسي أنّ «هذا التقارب من مصلحة مصر وتركيا، وهو ما يظهر من كم الاتفاقيات الموقّعة خلال زيارة السيسي بين البلدين، في مجالات الاقتصاد والتعليم والطاقة»، متوقّعا أنها ستنعكس على ليبيا أيضا، وضرب مثلا بأنّ «حل ما بين القاهرة وأنقرة من خلافات، سيُسهل تقاسم غاز المتوسط بين الجميع».

الحكومة الواحدة

واتفق مع الفارسي، المحلل السياسي الليبي، محمد أمطيريد، بشأن أن التقارب المصري-التركي، سينعكس إيجابيا على الملف الليبي، قائلا لـ”العين الإخبارية”: “سنرى خلال الفترة المقبلة، دعما لحكومة واحدة يعزز موقفها أنقرة والقاهرة”.

وتتنازع السّلطةَ في ليبيا حاليا حكومتان، كلتاهما تعتبر نفسها الحكومة الوحيدة والشرعية، وهما الحكومة المكلفة من البرلمان في شرق ليبيا، ويرأسها أسامة حماد، والأخرى حكومة الوحدة الوطنية، المنتهية ولايتها في غرب ليبيا، ويرأسها عبدالحميد الدبيبة.

ويلفت أمطيريد إلى حدوث تقارب كذلك بين تركيا والمنطقة الشرقية في ليبيا “خاصة من البوابة الاقتصادية”؛ وهو ما ينعكس إيجابيا على الآفاق السياسية.

وكان بلقاسم حفتر، رئيس صندوق إعادة إعمار درنة والمدن والمناطق المتضرّرة (من الفيضانات التي اجتاحت مدنا بشرق ليبيا في سبتمبر 2023)، أجرى زيارة لتركيا في يوليو/تموز الماضي، التقى خلالها وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، وبحثا التعاون الثنائي.

وخلال ذات الشهر، قال فيدان، في مقابلة تلفزيونية، إنّ “علاقات تركيا مع شرق ليبيا تتقدّم بشكل جيّد للغاية”، وتحدَّث عن رغبة بلاده في “إعادة إحياء دولة ليبيا المستقلة التي يتوحَّد فيها الشرق والغرب”.

وفي وقت سابق، وقّعت سلطات شرق ليبيا عقودا مع شركات تركية لتنفيذ عدة مشروعات، منها مجمع للحديد والصلب في بنغازي.

التحوّل لملف إقليمي

ويأمل المحلل السياسي الليبي أيضا في أن يُنهي التقارب المصري-التركي وجود المرتزقة في بلاده، معتبرا أن حدوث هذا الأمر سينعكس بكل إيجابية على كل الملفات المتعلقة بالملف الليبي.

كما يتوقّع أمطيريد أن “يتحول ملف ليبيا من ملف دولي إلى إقليمي بين 3 دول، هي ليبيا ومصر وتركيا، على أن تعمل الأخيرة على تقريب وجهات النظر في الغرب الليبي لإنهاء الانقسام السياسي”.

الحل الأقرب

بدوره، يبني الباحث السياسي الليبي، إدريس أحميد، أهمية التقارب المصري والتركي على “المكانة والقوّة اللتين تمتلكهما البلدان عربيا ودوليا؛ ما يعود بالنفع على الملف الليبي، وإنهاء التشكيلات المسلّحة”.

ويعتبر أحميد أن تعاون مصر وتركيا في هذا الملف هو “الحل الأقرب” لاستقرار ليبيا، في مقابل التدخلات الأمريكية والبريطانية، لافتا لما يربط مصر وتركيا بليبيا من “علاقات تاريخية ومصالح مشتركة وجوار”.

ويوجّه الباحث الليبي رسالة للأطراف الليبية بأنه “يجب عليها الاستجابة لهذا التقارب، والبحث عن المصلحة الليبية المصرية المشتركة”.

وجرت مباحثات حكومتي مصر وتركيا بشأن ليبيا، في وقت تجري مباحثات بين سلطات شرق ليبيا وسلطات غرب ليبيا حول أزمة جديدة بينهما، وهي أزمة إدارة مصرف ليبيا المركزي، بعد قيام المجلس الرئاسي (جزء من السلطة التنفيذية ومقره طرابلس) بإقالة محافظ المصرف، الصديق عمر الكبير، أغسطس/آب الماضي، دون الرجوع لمجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، اللذين اعتبرا الخطوة اعتداءً على صلاحياتهما، وأن القرار ليس من اختصاص “الرئاسي”.

وترتّب على ذلك، قرار الحكومة المكلّفة من البرلمان (مقرها شرق ليبيا) بوقف إنتاج وتصدير النفط؛ للضغط على سُلطات الغرب بالتراجُع عن هذا القرار.

aXA6IDEzNS4xODEuMTEuMTYyIA== جزيرة ام اند امز FI

مصدر الخبر الأصلي: صحيفة العين الاخبارية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *