مع اقتراب حرب غزة من عامها الأول، يأبى الحل أن يخترق جدار الأزمة. وفي الكواليس يتمترس اثنان وراء مواقف وشروط توسع من فوهة الفجوات القابلة لحلول التفافية.
فهل يُقدم الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي فشل في إقناع إسرائيل وحماس بقبول وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى على الرغم من أشهر من الحَث، على صفقة أخرى من الباب الخلفي، من شأنها أن تدفع طرفي الحرب إلى اتفاق أوسع إطارا.
وعلى صعيد محاولات الإنقاذ الإسرائيلية لم تحقق سوى نجاح محدود.
والأحد أعلنت إسرائيل أنه خلال عملية عسكرية، اكتشفت قواتها، خلال الأيام الأخيرة، ستة رهائن “قُتلوا على يد خاطفيهم”، بما في ذلك هيرش غولدبرج بولين، وهو أمريكي إسرائيلي.
عقبتان ودوافع
ولهذا، ترى مجلة “فورين بوليسي”في تحليل طالعته “العين الإخبارية”، أنه لابد من الإشارة هنا إلى أمرين واضحين في هذه المسألة، الأول: يتمثل في رئيس حماس يحيي السنوار وحركته، والثاني: رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يتمتع بالسلطة لتأمين إطلاق سراح الرهائن ولكنه اختار مرارا وتكرارا عدم القيام بذلك.
ومنذ ديسمبر/كانون الأول، كان هناك اقتراح على الطاولة لتبادل الرهائن بالأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. ويستند هذا الاقتراح إلى وقف إطلاق النار والمسار إلى تسوية دبلوماسية للحرب. وهي الصيغة التي اعتبرتها “فورين بوليسى” الوحيدة التي يمكن أن تضمن عودة جميع الرهائن من غزة.
لكن السنوار- بحسب المصدر- لن يوافق على التغييرات في الخطوط العريضة الأساسية للصفقة. وعلى عكس ادعاءات نتنياهو، فإن الضغط العسكري لا ينجح معه.
وفي هذا الصدد، يقول كاتب التحليل في “فورين بوليسي”،ميكي بيرجمان، الرئيس التنفيذي لمنظمة جلوبال ريتش، وهي منظمة غير ربحية تساعد في إعادة الأمريكيين المختطفين أو المعتقلين في الخارج دون أي تكلفة على عائلاتهم: “في الحرب، من المهم أن تفهم خصمك. بالنسبة للسنوار، فإن ارتفاع عدد القتلى في غزة مع كل الألم المصاحب لذلك يعزز في الواقع مصلحته الأساسية: فهو يزيد من نزع الشرعية عن إسرائيل دوليا. وبينما يبذل هو قصارى جهده لحماية حياته، فإنه يفضل الموت على التخلي عن الرهائن دون ضمان نهاية للحرب”.
على الجانب الآخر، يضيف بيرجمان ” لا يهتم نتنياهو حقا بصفقة الرهائن، لأنها تعرض بقاءه السياسي للخطر. وطالما أن هناك رهائن في غزة، فلديه مبرر لمواصلة الحرب. وطالما استمرت الحرب، يمكنه تأجيل المطالبات بتشكيل لجنة تحقيق، وانتخابات مبكرة، ومحاسبة سياسية أوسع نطاقا”.
ولفت إلى أن “نتنياهو أشرف على أكبر خسارة في يوم واحد لأرواح المدنيين اليهود منذ الهولوكوست، وطريقته الوحيدة للبقاء سياسيا هي إدامة الحرب. وفي حين يكتفي بالحديث عن الرهائن وجهود بايدن نيابة عنهم، فإنه يخرب بنشاط أي فرصة للتوصل إلى اتفاق”.
وفي هذا الصدد، أوضح الكاتب أن نتنياهو فعل ذلك طوال عملية التفاوض من خلال تقديم مطالب جديدة بشكل متكرر. وأحدث مثال على ذلك هو إصراره على الحفاظ على السيطرة الإسرائيلية على ممر فيلادلفيا بين غزة ومصر.
ويعتقد رؤساء الأمن الإسرائيليون أنفسهم أنه من الممكن منع تدفق الأسلحة دون الحفاظ على وجود عسكري على الحدود جنوبي قطاع غزة.
كما أمر نتنياهو باتخاذ إجراءات عسكرية استفزازية في عدة مراحل عندما بدا أن المفاوضات قد تتقدم. ففي أوائل يناير/كانون الثاني، عندما كانت صفقة الرهائن المكونة من ثلاث مراحل تكتسب زخما، أذن باغتيال نائب رئيس حماس صالح العاروري في بيروت، الأمر الذي أدى إلى توقف المحادثات.
وفي أوائل أبريل/نيسان، عندما حققت الولايات المتحدة ومصر وقطر تقدما في صفقة الرهائن، قُتل ثلاثة أبناء وأربعة أحفاد لرئيس المكتب السياسي الراحل لحماس إسماعيل هنية، في غارة إسرائيلية بغزة.
الحل والعقبة
ولأنه شارك في مفاوضات الرهائن لفترة طويلة، يرى ميكي بيرجمان، أنه “عندما تكون هناك فجوات بين الجانبين وتريد أن تنجح المفاوضات، فإنك تؤكد على القواسم المشتركة في تصريحاتك العامة”.
“أما إذا كنت تريد فشل المفاوضات، فأنت تتحدث علنًا عن الفجوات. وهنا من الصعب تجاهل حقيقة أن نتنياهو لا يتحدث إلا عن الفجوات”.
وأمام الطريق المسدود، يقترح بيرجمان أن يضع بايدن جانبا، في الوقت الحالي، الجهود الرامية إلى التوصل لاتفاق شامل بشأن الرهائن والتركيز على إعادة الأمريكيين الأربعة المحتجزين في غزة، بشكل سريع قبل أن يُقتَلوا هم أيضا نتيجة لسياسات نتنياهو الأنانية”، في خطوة قد تكسر الجمود وتدفع الجانبين نحو اتفاق أوسع نطاقا.
وفيما يتصل بشروط الصفقة، قد يتساءل البيت الأبيض عما يمكن أن يقدمه لحماس في مقابل الأمريكيين. فالولايات المتحدة لا تستطيع أن توقف الحرب، ولا تملك سجناء من حماس للإفراج عنهم.
وهنا يصبح الذكاء العاطفي عنصرا أساسيا. ولن يكون هذا النوع من الصفقات متعلقا بما يمكن للولايات المتحدة أن تقدمه لحماس، وإن كانت المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة قد تكون مشمولة في الحزمة.
بل سوف يكون الأمر متعلقا بالمكاسب الاستراتيجية التي قد تحققها حماس من خلال إبرام صفقة مع الولايات المتحدة. وفق الكاتب.
ومن وجهة نظر حماس، فإن الاتفاق من شأنه أن يؤجج التوترات بين إسرائيل والولايات المتحدة، وبالتالي تعزيز مصالح الحركة. ومن شأن ذلك أن يكشف عن نتنياهو باعتباره معرقلا. .
لكن في المقابل، يمكن لمعارضي بايدن السياسيين تأطير المبادرة باعتبارها خيانة لإسرائيل في لحظة حساسة، قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
ولكن الإدارة قد تقدم حجة قوية فيما يتعلق بمسؤوليتها عن حماية أرواح المواطنين الأمريكيين بعد ما يقرب من عام من الدبلوماسية. أو قد تنتظر حتى بعد الانتخابات.
aXA6IDEzNS4xODEuMTEuMTYyIA==
جزيرة ام اند امز
مصدر الخبر الأصلي: صحيفة العين الاخبارية