رحيل ماتوس عن HSBC يجعله أكثر الإداريين جاذبية للمصارف الأوروبية

رحيل ماتوس عن HSBC يجعله أكثر الإداريين جاذبية للمصارف الأوروبية

عندما اجتمع كبار المسؤولين التنفيذيين في بنك “إتش إس بي سي هولدينغز” (HSBC Holdings Plc) في يوليو للترحيب علناً بتعيين جورج الحداري رئيساً تنفيذياً جديداً للبنك، كان غياب صوت نونو ماتوس البارز عن التهاني المقدمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ملحوظاً.

كانت خيبة أمل ماتيوس مبررة، فبعد وصوله إلى المرحلة النهائية من عملية اختيار خليفة للرئيس التنفيذي السابق نويل كوين، قرر مجلس إدارة البنك تجاوزه واختيار المدير المالي للبنك الحداري. والآن، يقرر ماتوس، الذي شغل منصب رئيس إدارة الثروات والخدمات المصرفية الشخصية، مغادرة أكبر بنك في أوروبا.

وأفاد أولئك الذين عملوا مع الشخصيتين أن الشخص الذي لم يحصل على الوظيفة لن يبقى على الأرجح في منصبه لفترة طويلة. وذكر شخص مطلع على الوضع أن زملاءهما البارزين كانوا يدركون جيداً أن العلاقة بينهما لم تكن متناغمة، وأن الشخص الذي لم يحالفه الحظ سيغادر قريباً بعد ذلك.

ربما تصبح خسارة “إتش إس بي سي” لماتوس مكسباً لمنافس آخر، حيث يُحتمل أن يصبح واحداً من أكثر المرشحين المؤهلين لمنصب الرئيس التنفيذي في القطاع المصرفي حول العالم.

وبحسب جوزيف ديكرسون، رئيس أبحاث البنوك الأوروبية لدى “جيفريز” (Jefferies) بلندن، “ماتوس مدير ذو خلفية مرموقة وخبرة دولية قوية، وأنا واثق من أنه سيكون إضافية قيمة لأي مؤسسة كبرى في مجال إدارة الثروات”.

مسيرة مهنية لامعة

خلال تسع سنوات قضاها في البنك المدرج في بورصة لندن، صعد ماتوس بسرعة في مسيرته المهنية حتى تولى منصب رئيس إدارة الثروات والخدمات المصرفية الشخصية، وهو القسم الأكبر في البنك حيث يمثل نحو 40% من إيرادات المجموعة. تحت قيادته، تضاعفت أرباح الإدارة قبل الضريبة أكثر من ثلاث مرات لتصل إلى 11.5 مليار دولار في عام 2023. وقبل ذلك، شغل ماتوس، البرتغالي الأصل، منصب قيادة أعمال التجزئة في “إتش إس بي سي” و”بانكو سانتاندير” (Banco Santander SA).

ومع ذلك، قد يضطر أي مسؤول توظيف يرغب في ضم ماتوس إلى الانتظار حتى العام المقبل، حيث سيستمر في العمل مع “إتش إس بي سي” بصفته مستشاراً طوال عام 2024، يعقب ذلك فترة إجازة نهاية الخدمة مدفوعة الأجر.

ماتوس، البالغ من العمر 56 عاماً، رفض التعليق على هذا الخبر عندما تم الاتصال به هاتفياً، كما لم يرد على رسالة نصية تطلب منه التعليق. ورفض “إتش إس بي سي” أيضاً التعليق على الأمر.

وفي مذكرة موجهة إلى الموظفين، قال ماتوس: “لقد قررت أن هذا هو الوقت المناسب لاستكشاف فرص جديدة”، مشيراً إلى أنه يخطط للاستفادة من “الخبرات التي اكتسبتها، والعلاقات التي بنيتها هنا، وسأحملها معي وأنا أمضي قدماً”.

تباين واضح في الإدارة

يعكس ماتوس والحداري تبايناً واضحاً في أساليب الإدارة، وهو ما كان جلياً لموظفي “إتش إس بي سي” خلال عملية اختيار الرئيس التنفيذي التي استمرت لعدة أشهر.

الحداري، المصرفي اللبناني الأصل، يتبع نهجاً متواضعاً، حيث لا يمتلك حتى حساباً على “لينكد إن”. في المقابل، بدا ماتوس أحياناً وكأنه يقود حملة شبه رئاسية للحصول على المنصب. ففي منشور على “لينكد إن” في مايو، ظهر في مناسبة للشركة في الهند مرتدياً الأسود ومحاطاً بالأضواء الحمراء مع خلفية من المشاعل.

كما يختلفان في نهجهما الشخصي؛ فالحداري يُعرف بأنه اجتماعي وتعاوني، بينما يشتهر ماتوس بكونه أكثر مباشرة في تعامله، وفقاً لأشخاص مطلعين على الشخصين، وطلبوا عدم الكشف عن هوياتهم عند مناقشة الأمور المتعلقة بالمسؤولين التنفيذيين والشؤون الداخلية للبنك.

في عام 2021، كان ماتوس يسعى بقوة للحصول على منصب الرئيس التنفيذي، حيث انتقل مع عائلته إلى هونغ كونغ بعد أن قام “إتش إس بي سي” بنقل عدد من كبار الإداريين إلى هذا السوق المهم. وسرعان ما بدأ في التكيف مع الحياة في هذه المدينة الحيوية الواقعة في جنوب الصين.

دور ماتوس محوري

إضافة إلى ذلك، كان لماتوس دور محوري في استراتيجية البنك للتوسع نحو آسيا خلال الأعوام الأخيرة، حيث أسهم في عدة عمليات استحواذ في مجالي الثروات والتأمين في المنطقة. فخلال فترة ولايته، قام البنك بشراء عمليات إدارة الثروات في الهند وسنغافورة، وأتم مؤخراً الاستحواذ على محفظة إدارة الثروات بالتجزئة التابعة لمجموعة “سيتي غروب” في الصين.   

هذه التحركات جعلت ماتوس واحداً من المديرين التنفيذيين القلائل الذين يمتلكون خبرة واسعة في العمل ضمن بنك كبير له دور حيوي في استقرار النظام المالي في منطقة آسيا سريعة النمو، مما يؤهله ليكون مرشحاً محتملاً لتولي مناصب لدى منافسين يركزون على نفس المجال، مثل “ستاندرد تشارترد” (Standard Chartered Plc).  كما أن العديد من البنوك العالمية الأخرى، مثل “يو بي إس غروب” (UBS Group AG) و”سيتي غروب”، تبنت منذ فترة طويلة خططاً لتعزيز أعمال إدارة الثروات في آسيا.

قاد ماتوس أيضاً حملة لمنافسة شركات التكنولوجيا المالية في سوق الصرف الأجنبي بالتجزئة من خلال إطلاق منصة “زينغ” (Zing) في وقت سابق من هذا العام، وهي منصة صرف أجنبي متاحة للعملاء من خارج “إتش إس بي سي”.

أشاد أحد العملاء الذين تعاملوا مع ماتوس بصراحته وتجنبه استخدام المصطلحات المعقدة، وقد اكتسب احترام الآخرين من خلال تطوير أعمال إدارة الثروات في البنك.

كما أبدى بنيامين تومز، المحلل لدى “أر بي سي كابيتال ماركتس” (RBC Capital Markets)، رأيه قائلاً: “ماتوس حصل على فرص كثيرة للظهور على الساحة العالمية للأسواق، وهذا الاهتمام عادةً ما يمنح للأشخاص الذين تثق بهم، لذا لن أُفاجأ إذا تم تعيينه في بنك أوروبي آخر قريباً”.

المصدر: صحيفة اقتصاد الشرق

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *