خبير سياسي لـ”الوئام”: الصين لا تتّبع سياسة أمريكا وفرنسا في أفريقيا

خبير سياسي لـ”الوئام”: الصين لا تتّبع سياسة أمريكا وفرنسا في أفريقيا

الوئام- خاص

تواصِل الصين تعزيز علاقاتها مع أفريقيا بشكل كبير، عبر تعزيز التجارة مع القارة السمراء، وضخت مليارات الدولارات في بناء الطرق والسكك الحديدية والموانئ في جميع أنحاء القارة.

وعلى مدى العشرين عاما الماضية، أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لأفريقيا، والمستثمر الأكبر في البلدان الأفريقية، وأكبر دائن لها.

مبادرات صينية

وفي السياق، يقول الدكتور عماد الأزرق، الخبير في الشؤون الآسيوية، رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث، إن العلاقات الصينية-الأفريقية تشهد تطورا كبيرا وزخما متناميا، منذ تأسيس منتدى التعاون الصيني-الأفريقي “فوكاك”، وقد زاد هذا التعاون خلال الأعوام العشرة الأخيرة، مع تكثيف الصين وجودها على الساحة الدولية، وطرحها العديد من المبادرات التي تستهدف تعزيز وتقوية العلاقات الصينية مع دول العالم المختلفة؛ مثل مبادرة مجتمع المصير المشترك للبشرية، مبادرة الحزام والطريق، مبادرة التنمية العالمية، مبادرة الأمن العالمية، مبادرة الحضارات العالمية، وغيرها مِن المبادرات، ولا شك أن الدول الأفريقية والآسيوية تأتي على قمة أولويات السياسة الخارجية الصينية، على اعتبار أن الدول الآسيوية تمثّل المحيط الإقليمي للصين، والدول الأفريقية الدول الأكثر فقرا واحتياجا للتنمية.

الفوز المشترك

ويضيف عماد الأزرق، في حديث خاص لـ”الوئام”، أن التعاون الصيني-الأفريقي يصبّ في صالح الجانبين، ولا يستأثر طرف بالمنافع على حساب الطرف الآخر، وفقا لمبدأ الفوز المشترك وتبادل المنافع الذي تتبنّاه السياسة الخارجية الصينية.

بلا سجل استعماري

ويؤكّد الخبير في الشؤون الآسيوية أن مفاهيم، مثل فرض النفوذ والهيمنة والسيطرة والإملاءات، لا تدخل في أدبيات السياسة الخارجية الصينية، والصين طوال تاريخها معروفة أنها بلا سجل استعماري، ولم يسبق لها أن احتلّت أي أراضٍ للغير، بل على العكس من ذلك، فإن المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، والمتمثّلة في الاحترام المتبادل للسيادة وسلامة الأراضي، عدم الاعتداء المتبادل، عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخر، المساواة والمنفعة المتبادلة، التعايش السلمي، هي الحاكمة لسياساتها الخارجية منذ عام 1953 حتى الآن، موضّحا أنّ الصين تدعو إلى بناء نمط جديد من العلاقات الدولية، يحقّق العدالة والمساواة والإنصاف بين وحدات المجتمع الدولي.

علاقات متكافئة

الأزرق يشدّد على أنّ العلاقات الصينية-الأفريقية علاقات متكافئة، وتقوم على الاحترام المتبادل، والصين ليست فرنسا والولايات المتحدة، فالأخيرتان دولتا احتلال، قامتا على الهيمنة واستنزاف ونهب خيرات وثروات الدول الأفريقية، وتنظران مثلهما، مثل الدول الأوروبية الاستعمارية، لدول القارة الأفريقية، باعتبارها حديقتها الخلفية ومعمل تجارب لأسلحتها وأمصالها وأدويتها، ولا تقدّم لها إلا الفُتات، وهي المسؤولة عما هي عليه دول القارة الأفريقية من فقر وجهل وتخلّف ومرض وتدنّي البنية التحتية والخدمات وضعف الاقتصادات، وعلى العكس من ذلك، فالصين تتعاون مع الدول الأفريقية لبناء بنيتها التحتية ووضع مقوّمات قوية لاقتصادات واعدة، وطبعا بما يحقّق المصالح الصينية أيضا، فالعلاقات الدولية علاقات مصالح، وليست جمعية خيرية، المهم أن تتحقّق الاستفادة لأطراف التعاون، وألا تتحوَّل العلاقة لسياسات هيمنة وإملاء وغطرسة، كما هو الحال مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية.

دور سياسي إيجابي

ويختتم رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث حديثه قائلا: “الصين حريصة على لعب دور سياسي إيجابي على الساحة الدولية، ونجحت من قبل في إعادة العلاقات السعودية-الإيرانية ونزع فتيل الأزمة بين الجانبين، كما تبذل جهودا كبيرة فيما يتعلَّق بالقضية الفلسطينية والمصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وأتصوَّر أنّه يُمكن لها أن تلعب دورا مهما في حل النّزاعات والمشاكل والحروب في أفريقيا، خاصّةً أنّه مِن المعروف أن الاستقرار والتنمية وجهان لعملة واحدة، ولا يُمكن تحقيق تنمية مستدامة عالية الجودة دون تحقيق الأمن والاستقرار والسلام، وهو الدّافع الذي سيُحرّك الصين لهذا الهدف”.

المصدر: صحيفة الوئام السعودية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *