تلك هي أخت الرجال وأصل النضال

تلك هي أخت الرجال وأصل النضال

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

حينما كانت البشرية على وشك التشكل والتمدد والتوسع وأخذ موقعها ومكانتها في هذا الكون، فإنه لم يكن آدم لوحده مقدرا له أن يكون بنفسه، فكان أن خلقت حواء من ضلعه، ووجدت بجانبه كإحدى ركائزه وحياته، ليطيب العيش بها ومعها.

ولهذا جاءت إحدى الوصايا أن “استوصوا بالنساء خيرًا” ويحدث ذلك في هذه الدنيا البالية الفانية، لتكون شقيقة الرجال وشريكتهم وعضيدتهم وسندهم، بيد أن أجمل ما قيل عنها في الإسلام “الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة”.

وقال قائلٌ عنها “هي الأخلاق تنبت كالنباتِ إذا سقيت بماء المكرمات، تقوم إذا تعهدها المربي على ساق الفضيلة مثمرات، وتسمو للمكارم باتساق، كما اتسقت أنابيب القناة، وتنعش في صميم المجد روحا، بإزهار لها متضوعات، ولم أرَ للخلائق من محل، يهذبها كحضن الأمهات، فحضن الأم مدرسة تسامت، بتربية البنين أو البنات، وأخلاق الوليد تقاس حسنا، بأخلاق النساء الوالدات، فكيف نظن بالأبناء خيرًا، إذا نشأوا بحضن الجاهلات، أليس العلم في الإسلام فرضا، على أبنائه وعلى البنات”.

فأنعم بكل امرأة متعلمة مثابرة قدمت نفسها كنموذح صالح وطيب ومشرف، وقد قص علينا القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، سيرة النساء الصالحات اللواتي ربين رجالا، وأنجبن أجيالا، وتعهدن بالاهتمام أبناءً.

فسهرن الليالي من أجلهم، وتحملن في ميادين العزة والشرف والتضحية والفداء والإباء والجهاد في سبيلهم والأوطان، الكثير والكثير، فلا غرو إذن أن نتحدث اليوم عنهن بالشيء القليل عن ما قدمن من تضحيات جسام ومن جهود وأدوار جبارة مشكورة ومشهورة ومشهود لها بالكفاءة والعزة والرفعة والشرف والاقتدار.

وعبر التاريخ الإسلامي كانت المرأة تضرب أروع الأمثلة في القوة والصبر والإيثار، ولنا في الصحابيات والنساء الصالحات الصابرات المحتسبات أروع الأمثلة في ذلك، فهن اللاتي قدمن أرواحهن وفلذات أكبادهن فداء وتضحية للدين والإسلام وللمواقف المشرفة.

استمرت المرأة المؤمنة تعين على نوائب الدهر، تضمد الجراح وتلملم الشتات وتداوي ضرب الرماح، وتمسح حزن الجماح، وتكتم ألم الكفاح، وتعد أجيالا صداح، وتربي للصلاح؛ فكانت أدوارها عظيمة متنوعة وكثيرة ومحمودة الجانب، ومشكورة السعي والجهاد والنضال والصلاح.

وإذا كانت المرأة هي الأساس الذي يقوم عليه المجتمع، فقد قيل عنها الكثير من مدح وشعر وفخر، وعدت مدرسة من حيث الأم كما جاء ذلك في قصيدة الشاعر حافظ إبراهيم؛ اذ قال:

“الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيّب الأعراق

الأم روض إن تعهده الحيا بالري أورق أيما إيراق

الأم أستاذ الأساتذة الألي شغلت مآثرهم مدى الآفاق”.

هي الأم والأخت والزوجة، والابنة ومربية الأجيال، ولها الدور الأكبر في بناء الأسر والمجتمع وتقديمه بشكل لائق وأفضل.

ولما كانت المرأة حظيت بهذا الاهتمام الكبير من شريعتنا الغراء، فهي لا غنى لنا عنها، فهي شريكة في بناء الحضارات منذ القدم، وكان لها دور بارز في الحروب وفي أيام السلم والأفراح والأتراح.

وفي هذا المقال حريٌ بنا أن نفخر ونفاخر بها، خاصة وأننا في السلطنة قد أولت الحكومة عناية كبيرة بالمرأة العمانية، فمكنتها من نيل التعليم والتدريب والصقل، حتى تبوأت مناصب قيادية عديدة، ووصلت إلى أن أصبحت وزيرة ووكيلة وزارة وصاحبة السعادة وعضوة في البرلمانات والمجالس المحلية كمجلس الشورى والدولة إلى غير ذلك.

في يوم السابع عشر من أكتوبر يوم المرأة العمانية، نقدم لها التهنئة ونشد على يديها أن تكون دائمًا عند حسن الظن والمستوى المنشود منها.

والله نسأل لها التوفيق والسداد والهداية والرشاد، وأن يمُن علينا بالعلم النافع والعمل الصالح، وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً ويرزقنا فهماً، إنه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو أهل الرجاء.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *