نال موضوع مستقبل الطاقة حيزاً مهماً من المناقشات في اليوم الأول من النسخة الثامنة من “مبادرة مستقبل الاستثمار” المنعقدة في الرياض، إذ أكد خبراء ومسؤولون على أهمية تعزيز الاستثمار والاستفادة من الطاقات المتجددة وخصوصاً الشمسية، بالإضافة إلى تسريع تحوّل الطاقة.
رأى وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان أن بلاده تسعى لتصدير كافة أشكال الطاقة؛ وأضاف في كلمته: “إننا نحاول استخدام اقتصادنا الدائري المعتمد على الكربون كنهج يرشدنا إلى الوجهة التي ننوي أن نصل إليها. كما أننا نتجه نحو التصنيع والتصدير بهدف تعزيز عملية تنويع اقتصادنا، وخلق القيمة، وتحقيق مرونة سلسلة التوريد، وخلق فرص العمل”.
وزير الطاقة نوّه بأن القدرات الإجمالية لمشاريع الطاقة المتجددة في السعودية تبلغ 42 غيغاواط، وقال إن الهدف هو تقليص الفجوة بين أسعار الطاقة الكهربائية الناتجة عن مشاريع الجيل الجديد، وتلك التقليدية خلال عامين.
من جهته، اعتبر إيلون ماسك أغنى رجل في العالم ومالك موقع “إكس” للتواصل الاجتماعي و”سبايس إكس” لصناعة الصورايخ الفضائية و”تسلا” للسيارات الكهربائية، أن كل الطاقة تقريباً في الأمد البعيد ستكون من الطاقة الشمسية، وهو هدف تسعى السعودية للتموقع فيه كبلد رائد، نظراً لإمكانياتها الكبيرة في هذا المجال.
السعودية رائدة في الطاقة المتجددة
أصبحت السعودية التي تعتبر أكبر قوة نفطية في الشرق الأوسط والعالم، ضمن البلدان الرائدة في الاستثمار بالطاقات المتجددة، فهي آمنت بالطاقات المتجددة منذ عام 2008، بحسب محمد أبونيان، رئيس مجلس إدارة “أكوا باور” السعودية، وهي الشركة التي تقود مساعي المملكة في الطاقات المتجددة.
وخلال سنوات قليلة، تمكنت المملكة من تحقيق إنجازات تضاهي ما حققته دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في ظرف نصف قرن، فقدراتها الحالية المقدرة بنحو 42 جيغاواط، تمثل نحو نصف الطاقة الإجمالية المركبة في بريطانيا و90% في السويد، وفقاً لإفادات الأمير عبدالعزيز بن سلمان.
الوزير أشار إلى أن السعودية أصبحت اليوم الدولة الوحيدة على وجه الأرض التي تستطيع جني الأموال، وبوفرة، خلال عملية التحول، من خلال مشاريع استكشاف الغاز وخطوط أنابيبه الممتدة إلى أقاصي البلاد، كما أشاد وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان في كلمته خلال المنتدى.
وقامت المملكة خلال الأعوام القليلة الماضية بالعديد من الخطوات لتعزيز إنتاج الطاقات المتجددة، بما يتوافق مع هدفها بأن تشكل مصادر الطاقة المتجددة نحو 50% من مزيج الطاقة في عام 2030، كما تريد تعزيز تصدير الطاقة الكهربائية المنتجة من الطاقة المتجددة، وتعمل على تحقيق مستهدفات برنامج إزاحة الوقود السائل، وتقليص الاعتماد عليه في قطاع إنتاج الكهرباء.
وعلى سبيل المثال، أطلقت المملكة في يونيو أكبر مشروع مسح جغرافي لمشاريع الطاقة المتجددة يغطي 850 ألف كيلومتر مربع، حيث سيتم تركيب 1200 محطة لرصد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في مختلف مناطق البلاد.
قدرة الشبكة الكهربائية
خطوات المملكة لا تركز فقط على القدرات الإنتاجية، فقد أولت منذ البداية اهتماماً بقدرة الشبكة الكهربائية على استقبال أكبر قدر من الطاقات المتجددة، وهو العائق الذي يواجه عدداً كبيراً من الدول.
كشف في هذا الصدد محمد أبونيان، أن البلاد تسعى لأن تكون شبكتها الكهربائية قادرة على استقبال 130 جيغاواط في المستقبل من الطاقات المتجددة.
الطاقة النووية
من جهة ثانية، فإن أبونيان أشار إلى أن المنطقة ومناطق كثيرة في العالم لا تحتاج إلى الطاقة النووية في ظل توفر إمكانيات هائلة لإنتاج الطاقة المتجددة، معتبراً أن هناك حاجة لطاقة آمنة وسليمة وتنافسية واقتصادية. وأضاف: “أنا لا أحب الطاقة النووية، وربما تصلح لبلدان أوروبا مثل فرنسا التي لا بديل لها”.
وأثنى رئيس شركة “أكوا باور” السعودية على الصينيين لجعلهم تكنولوجيا الطاقة المتجددة معقولة التكاليف وآمنة وموثوقة، وهو ما جعل السعودية أقل اعتماداً على الطاقة النووية، إلى جانب تطور صناعة النفط والغاز.
النفط والغاز
توجه السعودية للطاقات المتجددة لا يعني التخلي عن النفط والغاز، فرئيس “أرامكو” السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين أمين الناصر قال إن المملكة تحرص على مواصلة تنمية عملها في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات.
وألمح إلى أن إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة لا يعني الاستغناء عن المصادر الأحفورية، ما يعني التركيز على مسارين تزامناً.
وزير الطاقة السعودي أشار في هذا الإطار، إلى أن المملكة تركز حالياً على زيادة استخدام النفط لإنتاج البتروكيماويات، وأضاف: “سنستمر في ذلك محلياً وخارجياً.. فلهذا السبب تستثمر شركة أرامكو السعودية الكثير من الأموال في الصين، وسنستثمر كثيراً أيضاً في أماكن أُخرى لتعظيم الاستفادة من الهيدروكربونات لدينا”.
الذكاء الاصطناعي
يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً في زيادة الطلب على الطاقة، وهو أمر قد يبرر أيضاً الأسباب التي تدفع أحد أكبر منتجي النفط إلى تنويع مصادر إنتاجه، خصوصاً أن المملكة تطمح لأن تلعب دوراً في هذا المجال.
بالنسبة ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي، ورئيس مجلس إدارة شركة أرامكو السعودية، فإن المملكة تتمتع بمكانة جيدة للغاية لتصبح مركزاً عالمياً في الذكاء الاصطناعي. كما أنها تحاول جذب 10% من الطلب العالمي على مراكز البيانات اللازمة لتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي. وهو أمر يتطلب الكثير من الطاقة الرخيصة.
سنواصل تغطيتنا لفعاليات “مبادرة مستقبل الاستثمار” غداً. يمكنكم متابعة ذلك عبر موقعنا الإلكتروني asharqbusiness.com
المصدر: صحيفة اقتصاد الشرق