يراهن المستثمرون على انتعاش الجنيه الإسترليني فيما يشكل انعكاساً مفاجئاً لحالته قبل عشرة أيام فقط عندما أدت الميزانية التوسعية للمملكة المتحدة إلى تفاقم موجة من عمليات البيع.
تتوقع بنوك مثل “جيه بي مورغان برايفت بنك” (JPMorgan Private Bank) و”كريدي أجريكول” مزيداً من المكاسب للجنيه الإسترليني، إذ يؤدي الموقف المتشدد من بنك إنجلترا والتطورات السياسية في الولايات المتحدة وألمانيا إلى تحول العملة البريطانية إلى ملاذ غير متوقع. يتجه الجنيه إلى إنهاء أطول سلسلة خسائر له أمام الدولار خلال ست سنوات، ويبدو مستعداً لتسجيل أفضل أسبوع له أمام اليورو في 2024.
أصبح الجنيه كأنه ملاذ آمن حيث تؤجج الاضطرابات السياسية المخاوف من ارتفاع إصدار السندات في ألمانيا، بينما قد تحميه الطبيعة الخدمية للاقتصاد البريطاني في حال تنفيذ الرسوم التجارية التي هدد الرئيس الأميركي القادم دونالد ترمب بفرضها.
قال سام زيف، رئيس استراتيجيات العملات العالمية في “جيه بي مورغان برايفت بنك”: “بعد الانتخابات والميزانية، تستفيد المملكة المتحدة مما يُعرف بفوائد الرتابة”.
تعافى الإسترليني من أدنى مستوياته منذ أغسطس يوم الخميس، مرتفعاً بنحو 1% بعد أن خفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة، لكنه امتنع عن الإشارة إلى تخفيضات إضافية. تعرضت العملة لضغط منذ سبتمبر، بعد تلميح المحافظ أندرو بيلي إلى مزيد من التخفيضات الحادة للفائدة.
قلل المتداولون من توقعاتهم لمزيد من تخفيضات الفائدة بعد الاجتماع حيث وصلت احتمالية خفض إضافي بمقدار ربع نقطة في ديسمبر إلى 16%، مقارنةً بحوالي 25% يوم الأربعاء.
قالت كيرستين كوندي-نيلسن، استراتيجية العملات في “دانسكي بنك” (Danske Bank): “تلاشى هامش المخاطرة السياسية في سعر الجنيه مجدداً، خصوصاً بعد أن هدأ بنك إنجلترا الأسواق بنهجه التدريجي في تخفيض الفائدة”.
هبوط الميزانية
رغم أن هذا التحرك كان قصير الأمد، إلا أن سعر صرف الجنيه واصل انخفاضه بعد الميزانية البريطانية في الأسبوع الماضي، حيث طغت المخاوف بشأن استدامة المالية العامة للبلاد على التوقعات بارتفاع التضخم.
تتوقع كيرستين كوندي-نيلسن ارتفاع قيمة الجنيه إلى 1.31 دولار، و81 بنساً لليورو خلال الأشهر الستة المقبلة، بينما ترى “كريدي أجريكول” و”جيفريز” أن وتيرة تخفيض الفائدة البطيئة ستساعد الجنيه على التفوق أمام الين وعملات غير الدولار.
تُظهر الإشارات في سوق الخيارات أيضاً مزيداً من المكاسب للجنيه، حيث يشير انحراف المخاطرة إلى أن معنويات السوق تجاه الجنيه بدأت تتعافى بعد أن وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ مارس 2023 قبل أسبوع فقط.
في الوقت ذاته، فإن المستثمرين الذين اقترضوا لتعزيز قدرتهم الاستثمارية، واشتروا عقود خيارات تراهن على صعود الجنيه أمام الدولار يرون مكاسب في المدى القريب، وهناك طلب من الشركات لشراء الجنيه مقابل اليورو، وفقاً لمتداولين مطلعين على الصفقات طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لعدم حصولهم على إذن بإدلاء تصريحات في هذا الصدد.
مع ذلك، لا يوصي براد بيشتل، رئيس قسم العملات في “جيفريز”، باتخاذ مراكز استثمارية داعمة لانتعاش الجنيه أمام الدولار.
أوضح بيشتل أن الإسترليني في “وضع مختلف تماماً” عن نظرائه من دول مجموعة العشر الكبرى، لكنه أشار إلى أن الدولار لديه مجال للارتفاع مع توقعات بأن “الاحتياطي الفيدرالي” سيضطر لمواجهة سياسات ترمب التضخمية من خلال تخفيضات في أسعار الفائدة.
في الوقت الراهن، الوضع السياسي يدعم الجنيه الإسترليني.
هناك طلب محتمل على الجنيه لشراء السندات الحكومية البريطانية، بعد انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا والانتخابات المبكرة، مما قد يمهد الطريق لتغييرات في السياسات تؤدي إلى زيادة إصدار السندات الألمانية. مع وعد ترمب بفرض رسوم جمركية على الحلفاء والأعداء على حد سواء، فإن حقيقة أن المملكة المتحدة هي ثاني أكبر مصدر للخدمات في العالم تشير إلى أن اقتصادها أقل عرضة للتأثر بالقيود التجارية.
قالت كاثلين بروكس، مديرة الأبحاث في “إكس تي بي” (XTB): “الانتخابات الألمانية تثقل المعنويات، وترمب يضغط على سندات الخزانة”. أضافت: “السندات السيادية البريطانية هي الأقل تضرراً على المدى القصير”.
المصدر: صحيفة اقتصاد الشرق